كيف نكتب؟

أساسيات الكتابة الإبداعيَّة وأهم النصائح للمبتدئين

*ترجمة: عروة عزّام

لا يكفي أيّ شخص أن يكتب بضعة فقرات ليسمّي نفسه كاتبًا إبداعيًا، فشتان بين الكتابة والكتابة الإبداعيَّة. يُظهِر الكاتب في الأخيرة ذهنه المكتظّ بالأفكار اللامعة وحصيلته اللغويَّة ذات المصطلحات الرصينة، فيتميّز ويبرُق نجمه.

ما هي الكتابة الإبداعيَّة؟

الكتابة الإبداعيَّة موجودة في أي شيء يكون الغرض منه التعبير عن الأفكار والمشاعر والعواطف بدلاً من نقل المعلومات مجرَّدة. سأركّز في هذا المقال على الخيال الإبداعيّ (القصص القصيرة والروايات في المقام الأول)، لكن الشعر والسير الذاتيَّة والإبداع غير الخياليّ هي كلها أشكال أخرى من الكتابة الإبداعيَّة. دونك اثنين من التّعاريف التي توضح مفهوم الكتابة الإبداعيَّة:

“الكتابة الإبداعيَّة هي الكتابة التي تعبّر عن مشاعر وأفكار الكاتب بطريقةٍ مبتكرةٍ وفريدةٍ وشاعريَّة” – موقع Sil.org

“الكتابة هي شكل من أشكال الحريَّة الشخصيَّة. فهي تحرّرنا من الهُويَّة الجماعيَّة التي نراها في كل مكانٍ من حولنا. في النهاية، لن يكتب الكتّاب ليكونوا أبطالاً خارجين عن القانون وعن تقاليد المجتمع، بل في الأساس يكتبون لحماية أنفسهم، وليبقوا أفرادًا” – الروائيّ دون ديليلو.

الكتابة في أي نوعٍ شاقّة، لكن مكافأة العمل هي أنّك ستشعر بالرضا بعد انتهائك من كل قطعةٍ. قد يكون الإبداع أمرًا صعبًا في بعض الأحيان، لكنك ستشعر بمتعةٍ هائلة.

كيف تبدأ؟

يعتقد الكثير من الناس أنّه لمجرد قراءتهم الكثير من القصص – وحتى إذا لم يقرؤوا – فيجدر بهم أن يكونوا قادرين على كتابة قصة. لكن كما يقول نايجل واتس: “هنالك اعتقاد شائع بأنّه لسبب كون أغلبنا مثقفين وطليقي اللسان، فلا حاجة للتدريب إذا كنّا نريد أن نصبح ذوي كلامٍ عذبٍ ناجحين. هذا ما اعتقدته حتى حاولتُ كتابة روايتي الأولى، تعلمت في وقتٍ قريب أن الرواية مثل قطعة الأثاث، لديها مجموعة خاصّة من المتطلبات، وقوانين بناءٍ يجب أن تتعلمها. مجرّد قراءتي الكثير من الروايات لا يعني قدرتي لكتابة واحدة، وكذلك الحال مع الكراسي، فلا يمكنني أن أصنع كرسيًّا لأنني جلستُ على الكثير منها” – نايجل واتس، صاحب كتاب (Teach Yourself Writing a Novel).

بجميع الطرق، إذا كنت متحمّسًا، انتقل مباشرةً وحاول؛ لكن لا تشعر بخيبة أملٍ كبيرة إن لم تكن باكورة جهودك جيدة كما تتمنَّى. لتوسيع تعبير (نايجل) المجازيّ، فقد تجد أن لهذه المحاولات المبكَّرة سيقان غير منتظمة وجلسة غير مستقرّة. هنالك العديد من الكتب الرائعة التي تهدف لصناعة كتّاب خيالٍ جدد، وأوصيك بشدةٍ بشراء أو استعارة أحد هذه الكتب [لا أعلم إن كانت مترجمة إلى العربيَّة]:

-“Wannabe a Writer أتريد أن تصبح كاتبًا؟” – جين وينهام جونز.

-“Teach Yourself Writing a Novel علّم نفسك طريقة كتابة روايَّة” – نايجل واتس.

-“How to Write Fiction كيف تكتب روايَّة” – روبيرت جراهام.

-“On Writing في الكتابة” – ستيفن كينج.

أوصيك أيضًا أن تتقدَّم بخطىً صغيرة. بدلاً من أن تبدأ بثلاثيَّة خيالٍ ملحمي، أو قصة عائليَّة طويلة تمتد لخمسة أجيال، أو سلسلة مغامراتٍ كاملة.. حاول أن تبدأ بقصةٍ قصيرةٍ أو قصيدة.

وإذا انتهى بك الأمر إلى لعق قلمك والتحديق في ورقة، أو التحديق في شاشة فارغة لساعات، حاول تشجيع كتابتك باستخدام تمرينٍ قصير. لا تتوقَّف عن التفكير أكثر من اللازم، وابدأ فقط، دون القلق بشأن جودة العمل الذي تنتجه.

*نصائح وحِيل للمبتدئين :

-قم ببعض التمرينات القصيرة لتقوّي عضلاتك الكتابيَّة:  يكتشف العديد من الكتّاب المبدعين الجدد أنّ غسل الأواني أو التعشيب في الحديقة يبدو فجأةً أمرًا جذابًا، مقارنةً بالجهد الذي يبذلونه للجلوس ووضع الكلمات في الصفحة. أجبِر نفسك على التغلّب على هذه الشكوك المبكرة، وستصبح أسهل حقًا. حاول أن تجعل عادة الكتابة اليوميَّة تتخلَّل روتينك، حتى وإن كان ذلك لمدة عشر دقائق.

-إذا علقت بمأزق الأفكار، احمل دفتر ملاحظاتٍ في كل مكان تذهب إليه وسجِّل ملاحظاتك: ستحصل على بعض خطوط الحوار الرائعة عندما تُبقي آذانك مفتوحةً في الحافلة أو في المقاهي، وقد تتعرف إلى عبارةٍ استثنائيَّة عندما ترى أو تشم شيئًا.

-اعمل في الوقت الذي يكون فيه إبداعك بأقصى حدوده : بالنسبة للعديد من الكتّاب، فهذا هو أول أمر يفعلونه في الصباح، قبل كل طلبات اليوم المشتتة للانتباه. يكتب آخرون بشكلٍ جيد في وقتٍ متأخر من الليل، بعد خلود بقيَّة أفراد الأسرة لفراشهم. لا تخف من التجربة!

-لا تُرهق نفسك في إنجاز العمل بالشكل المناسب: على كل الكتّاب مراجعة وتحرير عملهم، فمن النادر أن تخرج قصة أو مشهد أو حتى جملة بصورةٍ مثاليَّة من المرة الأولى. بمجرد الانتهاء من المسودّة الأوليَّة، اترك القطعة لبضعة أيام، ثم عُد إليها طازجةً، مع قلمٍ أحمر في يدك. إذا كنت تعرف أن هنالك مشاكل في قصتك لكنك لا تستطيع تحديدها بدقةٍ عاليَّة، فاطلب من كاتبٍ زميل أن يقرأها ويرسل لك ملاحظاته.

-استمتع!  أحيانًا، يمكننا – نحن الكتّاب – أن نُنهي تلك المشاعر التي تراودنا بشأن كون كتابتنا عملاً روتينيًا، أو أن هناك أمرًا ما “يجب” إنجازه، أو شيئًا يجب المماطلة فيه لأطول فترة ممكنة. إذا بدا الخط الزمني لقصتك متكلفًا بوحشيَّة، أو شخصياتك تدفعك للبكاء واقتنعتَ أنّ بإمكان طفلٍ بعمر خمس سنوات مع قلم تلوين كتابة نثرٍ أفضل.. فخذ استراحةً إذن. ابدأ مشروعًا جديدًا تمامًا، شيئًا مخصصًا للاستمتاع فقط. اكتب قصيدةً أو قصة قصيرة من 60  كلمة. مجرد إكمال قطعةٍ صغيرةٍ منتهية يمكنه أن يساعدك إذا كنت قد انغمست في قصةٍ أطول.

_________

*المصدر: موقع زد.

مقالات ذات صلة

شارك النقاش

زر الذهاب إلى الأعلى