كتاب “يوم من حياة كاتب” الصادر عن منشورات تكوين الكويتية بترجمة علي زين، يكشف عن عادات وطقوس الكتابة لكبار الروائيين حول العالم.
الكتاب يضم مقالات 59 مقالا لكتاب وروائيين من مختلف أنحاء العالم نشرت في جريدة “الجارديان” البريطانية تحت عنوان “روتين الكتابة” يكشفون فيها عن كواليس كتابة أعمالهم وعاداتهم المرتبطة بالكتابة، سواء أجواء يربطونها بالكتابة أو استماعهم للموسيقى أو السير، أو الكتابة ليلا أو نهارا وغيرها من الحكايات الشيقة.
من أجواء الكتاب مثلا يقول الروائي الأمريكي إي بي وايت: “إن الكاتب الذي ينتظر تحقق الظروف المثالية ليكتب سوف يموت قبل أن يضع كلمة واحدة على ورقة”.
فيما يصف البريطاني “جوناثان كو” (1961) الأيام التي يكتب فيها بأنها تفتقر إلى السمات الأساسية لباقي الأيام، فهي أيام بلا شكل محدد ولا تضبطها بنية ما، فلا يوجد في الأيام التي يمارس فيها الكتابة يوم يشبه الآخر، فقد يبدأ في الخامسة صباحا ويمكن أن يستمر في الكتابة لـ12 ساعة، وقد تكون مدته ثواني قليلة تراوده فيها فكرة خاطفة لكتابة رواية “قد أكتب في حجرة مكتبي الفسيحة، لكن أحب الأماكن العامة الصاخبة، فإذا ركزت جيدا في عملك فإن الأصوات من حولك ستتلاشى تماما”.
بينما الروائي والسيناريست الاسكتلندي وليام بويد (1952) يرى أن معظم الكتاب يستيقظون مبكرين ويأخذون قيلولة فترة الظهيرة، لكنه يقول إنه ينتمي إلى فئة البوم فلا ينام إلا بعد طلوع الصباح، و”عقله الكاتب” لا يعمل بفعالية إلا في النصف الثاني من اليوم، لذلك فهو يخصص ساعات الصباح لقضاء شؤون الحياة العادية، وبعد الغداء يبدأ يومه فعليا.
ويذكر بويد أنه عندما بدأ في كتابة روايته الأولى عندما كان شابا كان يستطيع الكتابة لسبع أو ثماني ساعات متصلة، أما الآن وبعد 15 رواية صارت طاقته تنفد بعد 3 ساعات فقط، لكنه يكتب يوميا إن استطاع.
أما الجامايكي كاي ميلر (1978) صاحب الروايات العشر والجوائز الخمس -منها بوكاس للأدب الكاريبي 2017 عن روايته العاشرة “عبور نهر بابل”، والبريكس 2018، عن الترجمة الفرنسية لها- فيقول: “فترات الكتابة المثلى لا تأتي بطريقة منتظمة، فقد يحدث أن تمتد لأيام عديدة، من العاشرة ليلا حتى الخامسة صباحا، فأنام نوما قلقا أستيقظ منه بعد ساعات لأواصل الكتابة، لا أحبذ مكانا بعينه للكتابة، فقد أكتب على الكمبيوتر في حجرة مكتبي أو عبر اللاب توب وأنا مستلق على السرير”.
بينما يكشف الليبي هشام مطر، الذي يكتب بالإنكليزية والفائز بثلاث جوائز عالمية، من مواليد نيويورك 1970، ومقيم في لندن، أن الأسطورة هي أن تستمر في فعل الشيء العادي يوميا، لتحدث الأشياء غير العادية بعد ذلك، يقول “أكتب عددا من أفضل أعمالي وأنا في الحافلة، أو أثناء المشي فأتوقف وأدون سطرا مرق في رأسي بسرعة كالفراشة، ثم أعود إلى مكتبي، وأنا عادة ما أصحو منذ السادسة صباحا وأظل أكتب لنحو 10 ساعات”.
وعن ثنائية اللغة وازدواجيتها، تقول البريطانية من أصل صيني شياو جوه (1973) التي ترجمت رواياتها إلى 30 لغة ليس من بينها العربية، وتكتب بالصينية وبالإنجليزية “يبدأ يوم الكتابة عندي بحلول الليل أو بعد منتصفه، أو في الصباح الباكر بعد انتهاء الأحلام مباشرة، منذ غادرت الصين وأيام الكتابة تبدو لي كمعركة بين اللغة التي أفكر بها واللغة التي أكتب بها، لا أستطيع التعبير عن أفكاري بلغة واحدة فقط لهذا أترجم، وأحاول جاهدة أن أكتب نصا باللغتين الصينية والإنجليزية، نصا حيويا صالحا لكلا الثقافتين”.
وعن طقس الكتابة لديه، يكشف البريطاني هاورد جاكوبسون (1942)، قائلا “أستيقظ مثل راهب في السادسة صباحا، أعدّ الشاي ثم أتوجه فورا إلى طاولة الكتابة، ولا أغادرها إلا بعد أن تتورم عيناي، يوم الكتابة يشير ضمنيا إلى أن هناك أياما لا تصلح للكتابة ولا وجود لتلك الأيام، لست مقيدا بحد أدنى من الكلمات، ولا مجبرا على خطة ما، ولا أعمل على مسودات، لا توجد طريقة صائبة إلى الأبد، علمتني تجاربي أن كل أثر أفرغ من إنجازه سيغير طقوسي، لقد أمضيت أوقاتا ممتعة من السادسة صباحا حتى السادسة مساء في تركيز مكثف ممتع”.
أيضا هيلاري مانتل (1952) تحب أن تكون الكتابة أول ما تفعله في كل صباح قبل أن تنطق بكلمة، أو تأخذ رشفة من فنجان قهوة، بسرعة تدون أفكارا وملاحظات قد تكون مستقاة من أحلامها، والتحدي الأكبر أمامها هو أن تأتي رواياتها مطابقة للتاريخ، وتعمل مانتل طوال النصف الأول من العام، بينما النصف الثاني مخصص لحياتها العادية، وتضيف “لا مشكلة لدي إن كتبت بيدي أو على الكمبيوتر مباشرة”، و”الشاي هو مصدر طاقتي أثناء الكتابة”، وتعرّف الإلهام بأنه “اليقظة الدائمة والبقاء في حالة ترقب للمادة التي تكتبها ليلا أو نهارا”.