ماذا نقرأ؟

فنّ القراءة

*كيفان لي

” أنا أجلس في مكتبي، وأقرأ طوالَ اليوم”

هذه المقولة لرجل الأعمال الناجح لورن بافيت الذي يصف يومه بالجلوس والقراءة، وهو يشجِّع الجميع على القراءة أكثر، و هذا الهدفُ غالباً ما نطمح إلى تحقيقه، إلا أننا نغفله رغم أحساسنا بأهمّيته.

لذا كيف يمكننا تحقيق هذا الهدف؟ وماذا نفعلُ بالمعلومات حين نحصل عليها؟

كيف تقرأ أكثر وتتذكَّر كل ما تقرأ؟ لهذا السؤال كثيرٌ من الإجابات المقترحة، وسوف أقدِّم لكم في هذه المقالة بعض التقنيات التي سوف تفيدكم.

هل القراءة السريعة هي الحلّ لتقرأ أكثر؟

ليس دائماً فالفهم والاستيعاب شرطٌ أساسيٌّ للقراءة، إذ أكَّدت بعض الدراسات أنَّ القراءة السريعة تؤدِّي إلى نسيان التفاصيل، مع ذلك سنحاول هنا أن نلقيَ بعض الضوء على تحسين معدَّل القراءة، والمحافظة على عمليَّة الفهم والاستيعاب.

ما معدَّل قراءاتك؟

هناك القراءةُ السريعة، وقراءةُ الكثير، والمزجُ بينها. كلّها مفيدة جداً لعادات القراءة الخاصَّة بك، لكن لكل منها خاصيَّة مختلفة عن الأخرى، في الحقيقة العديد من الناس لا يهتمّون بالمدَّة التي يقضونها في قراءة كتاب بقدر الكتاب نفسه، ولا تفيد القراءة السريعة إذا كان الهدف من القراءة هو المتعة.

بهذا المعنى، الرغبة في القراءة فقط تعني إيجاد الوقت للقراءة.

ولنبدأ من حجر الأساس، كم كتابا تقرأ في السنة؟ عليك بتسجيل عدد الكتب والساعات التي تقرأ فيها، وهذا سوف يساعدك على مراقبة تطوّر عادات القراءة لديك.

رغبتك في القراءة تضعك دائماً بين النخبة، وإليك بعض الطرق لتقرأ المزيد من الكتب، المدوّنات و المقالات.  

هذه النصائح من تيم فريس:

1_ استخدم قلما ومحدّد سرعة، العمليَّة تشبه وضع إصبعك على الكلمات حين تقرؤها لكن القلم يعطي مساحة أكبر للقراءة ورؤية الكلمات.

2_ اقرأ الثلاث كلمات الأولى من السطر الأول وثلاثا من آخر الفقرة.

 الخدعة هنا أنَّك تستطيع توسيع مجال الرؤية بالقراءة عن طريق التدريب، وبذلك تستطيع أن تقرأ أسرع. كلّ دقيقة مهمَّة في القراءة ومن ثمّ يكون تركيزك على القراءة، وباتّباعك لتلك الخطوات يصبح من الصعب تشتيتُ انتباهك.

3_ خصِّص الوقت للقراءة:  شين باريش أنهى قراءة أربعة عشر كتاباً في شهر، كيف فعل ذلك؟

وعن ذلك يقول : ” ما الذي يقف في طريق القراءة؟ أنا لا أشاهد التلفاز كثيراً، أشاهد بعض الأفلام، لا أمضي الوقت في التسوّق، ولا أضيّع وقتي في التواصل”.

4_ اقرأ أكثر بعدم القراءة مطلقاً:  

هذه نصيحة غير متوقَّعة لكنها حقيقيَّة، فمؤلِّف كتاب “كيف تتحدَّث عن كتب لم تقرأها” بيير بيارد ويقترح تسجيل ما يلي :

الكتب التي قرأناها.

الكتب التي تخطّيناها.

الكتب التي سمعنا عنها.

الكتب التي نسيناها.

الكتب التي لم نفتحها قطّ.

ثلاث طرق لتتذكَّر ما قرأته:

تدريب الدماغ على تكوين انطباع والروابط، والتكرار .

تكوين الانطباع : بعد إعجابك بالنصّ وهو أمر ضروري، حاول أن تضيف الصورة في خيالك عن النصّ، وأضف بعض العناصر مثل العظمة و الصدمة أو أضف إلى النصّ من ذكرياتك لتجعلَ تأثيره أقوى عليك، وضع نفسك مكان الأحداث والبطل، وهناك طريقة أخرى هي قراءة النصّ بصوت عالٍ؛ لأن بعض الأشخاص قد تكون ذاكرتهم سمعيَّة بدلاً من بصريَّة.

الروابط : اربط النصّ بشيء تعرفه ومعلومات كنت قد قرأتها سابقاً، هذه التقنية تساعد الذاكرة وتملؤها بالمعلومات.

التكرار:  كلّما كرّرت معلومة كلما تذكّرتها أكثر، وهذا يتضمَّن إعادة قراءة بعض المقاطع ووضع علامة عليها للرجوع وقراءتها لاحقاً.

وعليك التركيز على أربعة عناصر في القراءة:

العناصر الأساسيَّة.

كيفيَّة معاينة المعلومات.

تحليل المعلومات.

المقارنة والتناقض.

 كلّ خطوة من هذه الخطوات تؤدِّي إلى الأخرى، فهذه الخطوات هي من تجعل منك قارئا محلّلا .

بالقراءة التحليليَّة عليك القراءة وفق هذه القواعد الأربع التي سوف تساعدك على فهم الكتاب:

1_ حدِّد نوع الكتاب حسب نوعه.

2_ قدِّر محتوى الكتاب بشكل موجز.

3_ جدول الأجزاء الرئيسة حسب ترتيبها و ترابطها، وبشكل موجز مرَّة أخرى حاول أن تتخيَّل محتوى الأجزاء.

4_ حدِّد المشكلة أو المشاكل التي يحاول الكاتب حلّها.

انطلاقًا من تطبيق كل ما سبق سوف تجد أن دماغك يدمج تقنيات تكوين الانطباع والروابط والتكرار طوال فترة القراءة .

عندما تقرأ  كتابا، ضع بعض الملاحظات حوله، وعندما تنتهي من قراءة الكتاب اكتب مراجعة، ويمكنك بعدها الرجوع إلى ملاحظاتك، وسوف تلاحظ أنَّ إدراكك للمعلومات قد تطوَّر بمرور الوقت.

لقد جرّبت هذه الوسائل بنفسي، وغيّرت الطريقة التي أنظر بها للكتاب الذي أقرؤه. أنا انظر إلى الكتب على أنّها استثمارٌ في التعليم للمستقبل بدلاً من لحظة عابرة تنسى بسرعة، وأخزِّن كل المراجعات والملاحظات عن الكتب في مدوّنتي، وأبحث عنها كلما احتجت إلى معلومة ما، وعليك أن تعرف – عزيزي القارىء- أنَّ المهمَّ ليس الطريقة التي تكوِّن فيها رأيك حول الكتاب، بل المهمّ أن تكون لديك طريقة، واجعلها بسيطة بقدر المستطاع.
______
* النصّ من كتاب ( إذا وقعتَ في حبِّ كاتِبة/ مقالات إبداعيَّة/ جانيس والد وآخرون)، ترجمة: آماليا داوود، مراجعة: وليد الشايجي، تدقيق: رفعت فرج/ دار الخان للنشر والتوزيع/ الطبعة الأولى 2019.

مقالات ذات صلة

شارك النقاش

زر الذهاب إلى الأعلى