* جاك م. بيكهام
يقضي الطبيب في كليَّة الطبّ من خمس إلى عشر سنوات في دراسة الطبّ حتى يصبح طبيبًا. فلماذا يظن الناس أنّ بالإمكان أن يصبح الإنسان كاتبًا قصصيًّا محترفًا في أسبوع أو في شهر أو حتى في سنة؟
إنَّ كتابة القصَّة خادعة جدًّا، فهي كركوب الدرّاجة يبدو سهلًا حتى تجرّبه، وبينما يعطيك ركوب الدرّاجة برهانًا سريعًا ومؤلمًا بأنّه ليس سهلًا كما بدا لك. فالكتابة أكثر براعة ومكرًا؛ وقصّتك الأولى قد تبدو لك جيِّدة، بالرغم من أنّها تكاد تكون غير صالحة للنشر عند التفكير فيها فيما بعد.
لقد تناولت هذا الكتاب لأنّ الكتابة تروق لك، ولعلك تزاول شيئًا منها، ومن أجل هذا جئت ومعك بعض المهارات اللغويَّة ورغبة في سرد القصص. وقد تكون مهاراتك اللغويَّة جيِّدة إلى حدٍّ ما (أتمنّى ذلك)، ولعل لديك أفكارًا رائعة تصلح للقصص، وربما تحسن الطباعة وما إلى ذلك.
وهل يعني شيء ممّا ذكرت أنّك تعرف كيف تكتب القصَّة؟ لسوء الحظّ لا. إنّ كتابة القصَّة وظيفة صعبة إلا في حالة العباقرة النادرين. فهي تتطلَّب مشاركة عشرات من المهارات المحدَّدة والأساليب التي يصعب تحصيلها. وقد تصبح فنًّا ولكن بعد أن تصبح حرفة كاملة.
أجل باستطاعتك أن تتعلَّم كيف تقوم بها إذا كان لديك قليل من الموهبة، ولكن ذلك قد يستغرق بضع سنين.
ولكن لماذا يكون هذا خبرًا سيّئًا؟ لو أنّ العمليَّة كانت سهلة لأصبح كل الانام كتّابًا، وسيكون إنجازك ضئيلًا. إنَّ الانطلاق في دربٍ وعر مسألة مثيرة، ولكن النتيجة قد تكون مجد العمر.
وقد تجد أنّ ذلك يشمل كتابة مخطوطات كثيرة.. وزمنًا طويلًا حتّى تتعلَّم مداخل الأساليب الفنيَّة ومخارجها في تناول وجهات النظر أو كتابة مشاهد مكتملة أو نحوها. ولكنّك أثناء تعلّمك كل جزء من الحرفة دافعًا ثمن المعرفة التي تكتسبها عملًا شاقًا وزمنًا فإنّني أضمن لك أنّك ستزداد تعلّقًا بهذا السبيل وتزداد رهبة من جمال بناء السرد القصصي ومنطقه.
وهو يستحقّ ما تصرف عليه من زمن، لا تتوقّع المعجزات بين عشيَّة وضحاها، وما عليك إلا ان تظلّ مؤمنًا بذلك، فإن ثابرت فإنّ فرص تحقيقك بعض النجاح كبيرة.
وعلى العكس من ذلك، إذا شعرت بالاشمئزاز أو بالإحباط وتوقّعت الشهرة والمال بين عشيَّة وضحاها فإنّك فاشل لا محالة.
سجِّل في يوميّاتك أو في سجلٍّ دائم آخر هدفك ككاتب على مدى خمس سنوات من الآن. وافترض ( كما هو الواقع) أنّ حرفة الكتابة تتقدَّم للأمام بخطواتس قصيرة- اكتب أين تأمل أن تكون بشكلٍ مثالي ككاتب بعد أربع سنوات من الآن، وبعد ثلاث سنوات، وبعد سنتين، وبعد سنة في مثل هذا الوقت.
ضع قائمة تلك الأماني جانبًا، وابدأ العمل وكن صبورًا، ولكن احمل نفسك على الشغل الشاقّ. سجِّل ملاحظاتك حول تصوّراتك والمهارات التعليميَّة التي اكتسبتها عندما تصادفك. وبعد سنة من الآن قارن أين كنت وأين ستكون عندئذ. ستشعر بالسرور وبالدهشة.
ولعلّك لا تكون الآن كاتبًا روائيًّا رائجًا بعد. ولكنّك ستكون أقرب إلى رؤية تقدّمك في مسيرتك.
_____
* جاك م. بيكهام: شغل كرسي الراحل ديفيد روس بويد في جامعة أوكلاهوما، وألَّف أكثر من خمس وسبعين رواية منشورة وعددًا من المطبوعات حول حرفة القصَّة منها “المكان والمشهد والبناء”، وكتاب “كتابة روايتك وبيعها”.
** النصّ من كتاب ( أكثر 38 خطأ في الكتابة القصصيَّة.. وكيف يمكن تحاشيها) لجاك بيكهام، ترجمة: صدقي عبدالله حطاب، دار العالم العربي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2012.