كيف نكتب؟

الخاطرة

هي مقالة صغيرة جدًا، لا تعدو أسطرًا، تخطف من الموضوع الذي تطرقه خطفًا، وتقطف منه قطفًا. كثر انتشارها في الصحف والمجلات حديثًا.

والخاطرة قطعة نثريَّة يستمدّها كاتبها من موارد متنوّعة ليؤلِّف بينها، وهي إطار يضمّ أفكارًا متنوِّعة ضمّت بعضها إلى بعض لتصبح كيانًا جديدًا، يستمدّ قوّته من الصدق، وعدم التكلّف.

ما يخطر بالقلب من أمرٍ أو رأيٍ أو معنًى؛ أي: هي تلك السانحة التي تخطر بالبال، أو هي تعبير عن مكنون النفس وما يدور داخلها من حبّ أو حزن أو عاطفة فيتوقَّف المرء عندها ليبرزها بأسلوبٍ إمّا علمي إن كانت تتَّصل بالعلوم التجريبيَّة، وإما خبري أدبي إن كانت تتَّصل بالعلوم الأدبيَّة أو الإنسانيَّة، ولكل خاطرة أسلوبها وعباراتها، فما يتَّصل منها بالجوانب الإنسانيَّة يلزمه العبارات التي تحمل الأبعاد الإنسانيَّة بغض النظر عن قيمة هذه الأبعاد؛ فقد تكون راقية، وقد تكون غير ذلك. وأما إن كانت الخاطرة تتَّصل بالعلوم التجريبيَّة؛ فهي – حينئذ – شبيهة بمن يكتشف شيئًا ما، يدلُّ على جدّةٍ وإبداع، فيلزمه الأسلوب العلمي ذو العبارات التقريريَّة التي تحمل الأدلة الدالة على ما يبرز صحَّة هذه الخاطرة وقبولها، ولا بد للخاطرة -أيضًا- حين نريد أن نكتبها من مقدِّمة موجزة، ثمّ عرض لمضمونها، ثمّ خاتمة تبرز منها النتيجة التي يريدها صاحب الخاطرة.

والخاطرة أقلّ حجمًا من المقال؛ إذ لا تتجاوز عادةً عمودًا واحدًا، أو نصف عمود في الصحف اليوميَّة، أو المجلات الأسبوعيَّة، وتصف حدثا عارضا بطريقة نكشف عن دقَّة ملاحظات الكاتب، وسرعة بديهته، وقدرته على الإيجاز، وتسخير مهاراته الكتابيَّة لخدمة فكرة واحدة تدور حولها الخاطرة.

وأهم ما يميِّز الخاطرة عن المقال:

المقال له عنوان محدَّد، مختار بعناية ليعبِّر عن الموضوع، بينما الخاطرة  ليس لها عنوان في الغالب، وفي حال وجوده لا يختار بعناية.

المقال أجزاؤه مرتَّبة، والأفكار متسلسلة؛ بقصد الخروج بنتيجة، والخاطرة تقوم على وصف مواقف متنوِّعة بقصد التأثير.

المقال يحوي أفكارًا مفيدة رتَّبت منذ وقت ليس بالقصير، والخاطرة تقوم على فكرة عارضة وليدة اللحظة.

المقال يستمدّ قوّته من أهميَّة الموضوع، أو فائدته للمجتمع، والخاطرة تستمدّ قوّتها من عواطف الكاتب، وقدرته على التصوُّر.

_____

**جامعة الملك سعود، كليَّة الآداب.

مقالات ذات صلة

شارك النقاش

زر الذهاب إلى الأعلى