نفكّر

هل نتحكَّم بالتكنولوجيا أم هل تتحكَّم بنا؟

(يا إلهي! لقد تحوَّل البشر إلى أدوات لأدواتهم)/ هنري ديفيد ثورو.

تأتي كلمتنا “تكنولوجيا” من الكلمة اليونانيَّة التي تعني “فن” أو “حرفة”. لذا، فالتكنولوجيا، بمعنى ما، هي، تقريبًا، في كلِّ مكان ننظر إليه، وذلك لأنّنا محاطون بأشياء تمَّ إنتاجها بعملٍ فنّي أو بحرفةٍ يدويَّة. فإذا كنّا في المساء نستمتع بالنظر إلى النجوم، ولكن يجب أن نفعل ذلك من خلال نظّارات لتصحيح قصر النظر، فإنَّ متعتنا بشيءٍ طبيعي تمامًا تشتمل على عامل تكنولوجي. عمومًا، يبدو أنَّ أي شيء يفعله البشر، وليس طبيعيًّا، يُقحمنا، بطريقةٍ ما، في التكنولوجيا.

تجد أدناه سلسلة من الملاحظات حول التكنولوجيا في العالم اليوم. اذكر ما إذا كنت تعتقد أنَّ كل ملاحظة هي “صح” أم “خطأ”.

  1. في نهاية المطاف، ستتمّ صناعة السيّارات بحيث أنّها لن تسبِّب أضرارًا مفرطة للبيئة.
  2. سوف يحدّد الأخصائيّون الزراعيّون طرقًا لإطعام سكّان العالم، الآخذين بالتزايد، والقضاء على الجوع.
  3. يمكن للبشر أن يتوقّفوا عن إجراء أبحاث عن تكنولوجيا الحاسوب حينما يقرِّرون أنّ من مصلحتهم فعل ذلك.
  4. الاحتباس الحراري العالمي لا يمثِّل مشكلة خطيرة.
  5. احتياجات التكنولوجيا لن تستهلك أبدًا مواردًا طبيعيَّة إلى الدرجة التي تتسبّب بضرر جسيم للبشر في المستقبل.
  6. مزايا التكنولوجيا تفوق عيوبها.
  7. البشر المعاصرون لا يعتمدون كثيرًا على التكنولوجيا.
  8. الحياة الآن أفضل منها قبل 100 عام، وذلك بسبب التكنولوجيا.
  9. التكنولوجيا هي لا شيء أكثر من وسيلة لتحقيق غاية ما.

إذا أجبت بـ”صح” عن جميع العبارات التسع، فأنت ليست لديك مخاوف بشأن التكنولوجيا. من ناحيةٍ أخرى كلّما أجبت بـ”خطأ” أكثر، فأنت تعتقد أنّ التكنولوجيا تمثِّل مشكلة بالنسبة لنا. وإذا أجبت بـ”خطأ” عن السؤال (9)، فأنت تتّفق مع فيلسوف مهم من القرن العشرين، مارتن هايدجر(1889-1976). لقد كان هايدجر يعتقد أنَّ التكنولوجيا ليست مجرَّد وسيلة لتحقيق غاية ما. وبالنسبة لهايدجر، فإنَّ حاجتنا للتفاعل مع الطبيعة من خلال التحكّم بها لتحقيق أغراضنا يبيِّن شيئًا ما عنّا كبشر. بعبارةٍ أخرى، إنَّ طريقة “وسيلة لتحقيق غاية” لتناول أهمّيَّة التكنولوجيا هي طريقة بسيطة جدا.

يعتقد هايدجر أنّه من الضروري أن نفكِّر بشأن ماذا نفعل، ولماذا نفعله، وذلك لكي نفهم تمامًا المعنى الكامن وراء التكنولوجيا. وعندما نأخذ شيئًا من مصدرٍ طبيعي، ومن ثمّ نحوّله إلى شيء لأغراض تحسين حياة البشر، فإنَّ هايدجر يعتقد أنّنا نبدي شيئًا مهمًّا جدًّا بشأن علاقتنا بالطبيعة، بذلك الجزء الخاصّ بالواقع “غير” البشر (انظر السؤال رقم9).

هل نتحكَّم بالتكنولوجيا أم أنَّ التكنولوجيا تتحكَّم بنا؟ إذا كان نهج هايدجر إزاء هذا السؤال صحيحًا فإنَّ الجواب ليس بسيطًا كما قد يبدو. إنَّهُ أحد أهمّ الأسئلة التي تواجهنا حاليًّا، وتواجه علاقتنا بالعالم الطبيعي، هل ستعرف ماذا نفعل في حال تعرّضنا لتهديد التكنولوجيا بتجاوز نطاق تحكّمنا بها؟ إنَّ الإجابة عن هذا السؤال تفترض أنّنا نفهم ماذا يعني أن تعرف شيئًا ما، في هذه الحالة، التكنولوجيا. هل لدينا هذا النوع من الفهم؟

لمزيد من التفكير:

  1. قم بإلقاء نظرة في منزلك أو مدرستك، لاحظ كم عدد الأشياء التكنولوجيَّة. فكِّر بشأن ما إذا كان لكل شيء من هذه الأشياء مزايا. ومن ثمّ اسأل نفسك ما إذا كان لها عيوب: هل تشكِّل بطريقةٍ ما، أي ضرر على حياتنا كبشر، أو على البيئة؟
  2. لنطبّق نتائج استقصاءاتك على السؤال رقم 1: اذكر ثلاثة أمثلة عن تكنولوجيا تعتقد أنّها الأكثر فائدة وأهمّيَّة لسعادة البشر. لماذا تُعدّ مفيدة؟ والآن، اذكر ثلاثة أمثلة عن تكنولوجيا تعتقد أنّها الأكثر ضررًا على البيئة، أو على نوعيَّة حياتنا. لماذا تُعدّ ضارَّة؟
    _______
    * المادّة من كتاب (الفلسفة للفتيان-40 سؤالا تساعدك على التساؤل عن كلِّ شيء)/ الدكتور ديفيد إيه.وايت/ دار الأهليَّة للنشر والتوزيع/ الطبعة العربيَّة الأولى، 2018.

مقالات ذات صلة

شارك النقاش

زر الذهاب إلى الأعلى