نفكّر

ماذا يحدث للأرقام عندما لا تستخدمها؟

“أنا لا أبتكر شيئًا، أنا أكتشف”/ أوغست رودن، نحّات.

كل شخص تقريبًا يعرف عن الرياضيّات، فبالرغم من كل شيء يعتبر الحساب، وهو فرع من أكثر فروع الرياضيّات أساسيَّة، ضروريًّا في الكثير من مواقف الحياة العاديَّة. ويستخدم الحساب الأرقام ويدمجها معًا بطرق متنوّعة، ولكن، هل سبق وأن تساءلت ما الذي يحدث للأرقام عندما لا يكون هناك أحد يفكّر فيها؟

فيما يلي تمرين متعدِّد الخيارات، ضع دائرة حول أ، أو ب، أو ج، حسب ما تعتقد أنّه يصف بصورةٍ أفضل ما يحدث للأرقام عندما لا يفكِّر فيها أحد بأي طريقةٍ كانت.

  • لا يحدث شيء لها: 2+2 دائمًا يساوي 4 سواء فكَّر الناس بشأن ذلك أم لا.
  • ب‌.  تختفي الأرقام، الأرقام موجودة فقط عندما يستخدمها الناس.

ج. حالما يتمّ التفكير في الأرقام من قبل البشر، فإنّها تتواجد بنفسها، حتّى عندما لا يكون هناك من يفكِّر فيها.

على الرغم من أنّ هذا السؤال قد يبدو غريبًا نوعًا ما، إلا أنّه مهم من وجهة النظر الميتافيزيقيَّة، فنحن نعتقد أنّ الأرقام واقعيَّة، ولكن، كيف تكون واقعيَّة؟ إذا كانت الأرقام عبارة عن مفاهيم رياضيَّة- مربّع ودائرة وجذر تربيعي وهلم جرا، موجودة فقط كأفكار، عندئذ تبدأ هذه الأفكار بالتواجد فقط عندما يقوم علماء الرياضيّات بابتكارها. من ناحية أخرى، إذا كانت المفاهيم الرياضيَّة موجودة بنفسها، عندئذ فإن علماء الرياضيّات لا يبتكرون تلك المفاهيم، بل يكتشفونها، تمامًا كما يفعل المستكشفون عندما يكتشفون قارات غير معروفة سابقًا ولكنّها كانت موجودة هناك طوال الوقت.

في حوار يدعى فايدو “على اسم أحد شخصيّاته” يناقش الفيلسوف اليوناني الكبير أفلاطون (427-347 ق. م) بأن 2 و1+1 ليسا الشيء نفسه، بدلًا من ذلك، 1+1 هو أمر ما يحدث للرقم 2، ولكنّه ليس الشيء ذاته مثل 2 بالنسبة لأفلاطون، فإن الأرقام ليست مجرّد أعداد صحيحة في سلسلة، وقد فكَّر أنّه، على الرغم من أنّ 2 و3 كانا رقمين، فإنّ 2 يعتبر رقمًا من نوعٍ مختلف عن 3، و3 هو رقم من نوع مختلف عن 4، وهكذا دواليك.

هناك طريقة لفهم مقاربة أفلاطون للأرقام تتمثّل في التفكير بالعمليّات الحسابيَّة البسيطة التالية:

4-2=2

3-1=2

1+1=2

يبقى الرقم 2 ثابتًا طوال هذه العمليّات الحسابيَّة، لذا، فإنّ 2 هو بحدّ ذاته كائن مستقلّ، قادر على أن يوظّف في جميع أنواع الرياضيّات. إذن بالنسبة لأفلاطون، فإنّ الأرقام كانت موجودة دائمًا، ولا تحتاج الأرقام إلى عقول بشريَّة تفكِّر بها قبل أن تبدأ بالتواجد. وهكذا، كان أفلاطون سيقول إنّ الجواب الصحيح على النشاط هو “أ”.

لمزيد من التفكير:

سواء كانت الأرقام موجودة بحدّ ذاتها أم لا، بصورةٍ مستقلّة عن العقول التي تفكّر بها، هي مسألة موضع جدال في فلسفة الرياضيّات. ولا يتّفق جميع الفلاسفة المهتمّين بهذه المسائل مع المقاربة الأفلاطونيَّة تجاه الأرقام. هل تستطيع التفكير بطريقة لتفسير الأرقام المستخدمة في الحساب بدون القول، كما يفعل أفلاطون بأنها كانت دائمًا موجودة؟

عندما يعمل الطلبة مع المثلثات (في الهندسة)، هل يفكّرون بأشكال توجد فقط عندما ترسم على سطح، أم أنهم يفكّرون بنوعٍ من الواقع الذي كان موجودًا بحدّ ذاته ويُعرف فقط بواسطة العقل؟ كيف كان أفلاطون سيجيب عن هذا السؤال؟

هناك استخدام فلسفي آخر للحساب يظهر في السؤال رقم 13.

(كثيرًا ما أُعجبتُ … بسحر الأرقام السرّي”/ سير توماس براون، مؤلّف وشاعر.

__________

* المادّة من كتاب (الفلسفة للفتيان-40 سؤالا تساعدك على التساؤل عن كلِّ شيء)/ الدكتور ديفيد إيه.وايت/ دار الأهليَّة للنشر والتوزيع/ الطبعة العربيَّة الأولى، 2018.

مقالات ذات صلة

شارك النقاش

زر الذهاب إلى الأعلى