(للقلب أسبابه التي لا يستوعبها العقل)/ بليز باسكال، عالم رياضيّات وفيلسوف.
- “أنا حزين”.
- “أدرك تمامًا ما تشعر به”.
ربما أنّك كنت على كِلا جانبي هذا التبادل؛ تشعر بالحزن أنت نفسك بشأن أمرٍ ما، وفي مرّات أخرى، تُظهِر تعاطفك نحو شخصٍ آخر يعاني من الحزن.
انظر في هذه الحالة: درستَ بجدٍّ من أجل اختبار مهمّ، ولكنك لم تحصل على علامات جيِّدة. أي من ردود الفعل التالية من المرجّح أكثر أن تنطبق عليك؟ (ضع دائرة حول الجواب المناسب).
- حزن.
- خيبة الأمل.
- إحباط.
(د) غضب.
من الممكن، بالطبع، أن تكون ردّة فعلك مزيجًا من الاستجابات المذكورة أعلاه. ولكن، افترض أنك حزين في المقام الأوّل. عندما تقول إنك “حزين” ماذا يحدث عندما يسمع شخص ما أنّك تقول تلك الكلمة؟ تستطيع أن تشعر بحزن، ويستطيع شخص ما أن يرى كيف تبدو عندما تشعر بالحزن، ولكن هل يستطيع شخص ما أن يشعر بالطريقة التي تشعر فيها بالحزن؟ هل ينبغي أن تفترض أنَّ شخصًا آخر يستطيع أن يشعر بعاطفة بالطريقة التي تشعر فيها أنت بتلك العاطفة؟
أجرى فيلسوف القرن العشرين الشهير، لودفينغ فيتغينشتاين (1889-1951)، دراسة متأنيَّة للغة وصِلتها بالعقل، وبالطريقة التي نشعر بها. وفي كتابه (تحقيقات فلسفيَّة)، استخدم، مرارا وتكرارا، مفهوم “لعبة اللغة” للمساعدة في شرح ما يحدث عندما نتحدَّث. وهذه ليست لعبة تُفهَم على أنّها نشاط قد يشارك فيه أشخاص من أجل التسلية. لقد اعتقد فيتغينشتاين أنّه عندما نتحدّث لغة طبيعيَّة (مثل الإنجليزيَّة أو الإسبانيَّة) فإنّنا نمتثل لقواعد معيّنة تتحكّم في متى تكون تلك اللغة ذات معنى.
ونتيجة لذلك، عندما نعبِّر عن مشاعرنا بكلمات، تكون هناك طرق معيّنة تستخدم فيها كلمات تشير إلى الحزن، وكذلك تصرّفات أو إيماءات معيّنة تكون مناسبة لتلك الكلمات. فإذا قلتُ “أنا أشعر بالحزن” بينما كنت أضحك، أو أثناء قيامي بتنفيذ شقلبة دولاب من الفرح، لن أكون مستخدمًا لكلمة حزن بصورة صحيحة، ولن أكون ممارسًا للعبة اللغة لكلمة الحزن وفقًا للقواعد.
وكذلك، إذا قلتُ”أشعر بسعادة عندما أكون حزينًا” فذلك أيضًا لا يكون لعبًا وفقًا للقواعد نظرًا لأنّه، في الظروف العاديَّة، لا نستطيع أن نقول إنّنا نشعر بالحزن والسعادة في الوقت نفسه. وسوف يصبح مستمعونا في التباس، ولن يعرفوا ماذا يجول في عقولنا لنقوله، لذا، لا بد، بدلاًا من ادّعاء أنّ لدينا معرفة عميقة بالطريقة التي يشعر فيها شخص آخر لأنّنا نستطيع، بطريقةٍ ما، أن نتواجد داخل عقولهم، فإنَّ ما نقوم به هو المشاركة في ألعاب اللغة. ونظرًا لأنّنا جميعًا “نلعب” هذه الألعاب، فإنَّ لدينا جميعًا بعض الإحساس بما يعنيه كلّ شخص عندما يستخدم كلمات بطريقة معيّنة.
حاول أن تفكِّر في كلمات أو جمل سوف تعبِّر عن الطريقة التي تشعر بها عندما تنتابك عواطف أساسيَّة. استخدم الفراغات أدناه لتسجيل أفكارك بشأن الموضوع. (أحد الأسباب في أنّ الشعر فعّال جدًا هو أنّه يثير مشاعر بطرق لا تستطيع اللغة أو النثر أن يثيرها، أو على الأقل ليس بالنوع ذاته من الدقّة والعمق. وهنا ينبغي للفلاسفة أن يتيحوا للشعراء الحصول على التقدير).
عندما أكون حزينًا أشعر كما لو أنّني ______________________.
عندما أكون حزينًا، أكون___________________________.
عندما أكون سعيدًا، أشعر كما لو أنّني_____________________.
عندما أكون سعيدًا، أكون__________________________.
لمزيد من التفكير
- هل تستطيع أن تفكِّر في دليل يُثبت بيقين قاطع أنّ هناك عقولًا أخرى تستطيع أن ترى وتشعر بالطريقة التي يرى ويشعر بها عقلك؟ في الواقع، هل يمكنك أن “ترى” أو “تسمع” عقلًا آخر؟ هل تعتقد أنَّ الحواسيب تعمل كما لو أنّها عقولا(انظر السؤال 20)؟
- اطلب من مجموعة من الناس، ربما من صف بأكمله، أن يساهموا بأفكارهم بشأن كيفيَّة إظهار مشاعرهم بالحزن، أو بشعورٍ أساسي آخر. بعدئذٍ، اجعل الصف يناقش المساهمات المتنوّعة، وانظر ما عي الأسباب التي تقدّم من أجل اختيار نسخة على أنّها أكثر “دقَّة” أو أكثر “حيويَّة” من نسخةٍ أخرى.
- هل اللغة هي الطريقة الأفضل للتعبير عن مشاعرنا؟ هل يمكن لفنون الموسيقى أو الرسم أن تمثِّل العواطف بصورة أكثر حيويَّة وصدقًا. قم باختيار عمل موسيقي أو عمل فنّي (رسم، نحت، إلخ) وحلِّل ما إذا كان هذا العمل يعبِّر عن العواطف أفضل من اللغة أم لا.
_______
* المادّة من كتاب (الفلسفة للفتيان-40 سؤالا تساعدك على التساؤل عن كلِّ شيء)/ الدكتور ديفيد إيه.وايت/ دار الأهليَّة للنشر والتوزيع/ الطبعة العربيَّة الأولى، 2018.